أسباب ستدعم ارتفاع اليورو لـ1.18 -1.20 دولار خلال الفترة المقبلة

أسباب ستدعم ارتفاع اليورو لـ1.18 -1.20 دولار خلال الفترة المقبلة

6 يوليو 2020 04:50 م

منذ الربع الأوّل عام 2018، دخل اليورو مقابل الدولار الأمريكي اتجاهاً هابطاً، متأثّراً بارتفاع الدولار الأمريكي مقابل سلّة العملات الأجنبية. ولعبت الحرب التجارية خلال عام 2018 على دفع المتداولين للدولار في ظل توجه له في ظل مخاوف أن تتسبب حرب التجارة بين الولايات المتحدة والصين بأزمة اقتصادية عالمية، فتم طلب الدولار كملاذ آمن. ثم بعد ذلك، تأثّر اليورو بمسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث أن لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مضار كبيرة على اقتصاد منطقة اليورو.

واستمر الاتجاه الهابط في زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي حتى شهر مارس هذه السنة عام 2020،ـ وخلال الفترة منذ شهر فبراير 2018 وحتى نهاية الربع الأوّل من هذه السنة، انخفض الزوج من مستويات فوق 1.2550 ليلامس الأدنى له عند سعر 1.06 دولار لليورو الواحد، ليعود عندها لأدنى مستوياته منذ أبريل عام 2017.

لكن، نلاحظ بأن زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي بدأ موجة صاعدة منذ شهر مارس الماضي 2020، والعديد من المتداولين يتساءلون عن سبب هذا الارتفاع، فالظروف الاقتصادية التي عاشها الاقتصاد العالمي خلال الربع الثاني والأول من هذه السنة هي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية بفعل انتشار فيروس كورونا.

مع نهاية الربع الأوّل من هذه السنة، توجّهت البنوك المركزية لاتخاذ سياسات تحفيز اقتصادي غير اعتيادية، وقام الفيدرالي الأمريكي بضخ سيولة هائلة قياسية للأسواق، مع الاحتفاظ بسياسة أسعار الفائدة المتدنية جداً بين 0.00% و0.25%. ورغم أن البنك المركزي الأوروبي أيضاً يقدّم سياسات وبرامج تحفيزية كبيرة وأسعار فائدة صفرية، إلا أننا شهدنا توجّه المتداولين لبيع الدولار الأمريكي. لكن لماذا؟

السر وراء بداية انخفاض الدولار الأمريكي هو الارتفاع الكبير في أسواق الأسهم الذي بدأ مع بداية الربع الثاني من هذه السنة، إذ أن المتداولين أصبحوا ينظرون لاحتمالات التعافي الاقتصادي خلال النصف الثاني من هذه السنة، وبدأ استغلال الفرص المتاحة في أسواق الأسهم لأسهم انخفضت أسعارها بقوّة، وأخرى كان مرجّحاً لها الاستمرار بالارتفاع. بحسب أصول الاقتصاد، تتحرّك أسواق الأسهم قبل تحرّك الدورة الاقتصادية بفترة بين 3 و6 أشهر، وهذا ما حصل فعلاً، كانت التوقعات تظهر احتمالية تعافي اقتصادي مع بداية الربع الثالث الجاري من هذه السنة، وبدأت موجة الارتفاع في الأسهم بحوالي 3 أشهر قبل بداية التعافي المحمل في الاقتصاد. ومن هنا، بدأ المتداولون يتخلّون عن الدولار الأمريكي.

يعتبر الدولار الأمريكي العملة الأولى في العالم التي تعتبر نقد دولي، فعندما سادت حالة التفاؤل تجاه التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا خلال النصف الثاني، بدأت موجات بيع الدولار، ومنها استفاد زوج اليورو مقابل الدولار وارتفع.

وصرّح الفيدرالي الأمريكي في عدّة مناسبات بأنه سيحافظ على سياساته المالية النقدية وأسعار الفائدة المتدنية جداً حتى عام 2022 على الأقل، ليضمن عودة استقرار الاقتصاد الأمريكي. إن تدفق السيولة القياسي للاقتصاد الأمريكي سبب مهم وراء الارتفاع الكبير المرتقب في شهية الاستثمار في الأصول مرتفعة العائد.

لاحد يود الاحتفاظ بالنقد حالياً! نعم هذه حقيقة يجب أن نأخذها بعين الاعتبار. الفوائد البنكية تعتبر منخفضة جداً، كما أن العوائد السوقية للسندات منخفضة جداً. وصل العائد السوقي للسندات الحكومية الأمريكية أمد استحقاق 10 سنوات إلى مستويات ما دون الـ1% هذه السنة، وهي مستويات متدنية قياسية. فلا يوجد مكان أفضل من أسواق العائد المرتفع لحفظ الأموال. ومع سياسات البنوك المركزية التي تتوجّه نحو التسهيل الائتماني وضخ سيولة هائلة، ستنخفض القدرة الشرائية للنقد خلال الأشهر المقبلة وربما أيضاً على مدى عام أو عامين. لذلك، الاحتفاظ الدولار الذي يعتبر النقد الأوّل في العالم قد يسبب خسائر في القدرة الشرائية للثروات.

إن الضغوط الهائلة التي يتعرّض لها الدولار الأمريكي قد تستمر خلال الفترة الزمنية المقبلة، والبيانات الاقتصادية الإيجابية التي تصدر من الولايات المتحدّة لن تعتبر إلا دلالة على أن الاقتصاد يتعافى بالفعل، وهذا يعتبر ضاغط على الدولار الأمريكي وقد يسبب مزيداً من الانخفاض فيه.

فنياً، احتمالات الارتفاع في زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي متاحة بالفعل، لكن مستوى المقاومة 1.1370 يجب أن يتم اختراقه لإثبات امتداد الصعود. الصعود قد يصل في الزوج لمستويات بين 1.1800 و1.2000 دولار لليورو الواحد، وهذه الاحتمالات قد تبقى قائمة بثبات التداول فوق مستوى الحاجز النفسي 1.1000 على المدى المتوسط، وفوق 1.0800 على المدى الطويل.

الا يعاني الاقتصاد في منطقة اليورو أيضاً من ركود بفعل انتشار فيروس كورونا؟

بالفعل، شهد اقتصاد منطقة اليورو أسوأ ركود اقتصادي له منذ بدء التعامل في اليورو، بل أن دولاً مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا شهدت الركود الاقتصادي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية. لكن، عندما يتم قياس كمية النقد المتداولة في اليورو مقارنة في الدولار الأمريكي، سنجد بأن الدولار أكثر تداولاً، مما يجعل عمليات بيع الدولار للتوجّه لأصول مرتفعة العائد أكبر بكثير من كمية اليورو التي يتم بيعها في سبيل التوجّه للأصول مرتفعة العائد مع توقعات تعافي الاقتصاد العالمي خلال النصف الثاني من هذه السنة.

من جهة أخرى، مخاوف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق أصبحت ضئيلة جداً، ومن المحتمل أن يتم التوصّل لاتفاق بين الطرفين يجنّب بريطانيا إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي ضربة تجارية كبيرة. ومن هنا، نلاحظ بأن التوجه نحو أسواق العائد المرتفع ما تزال في أوجها منذ أواخر الربع الأول من هذه السنة.

في النهاية، نستطيع أن نشير إلى أن الاتجاهات الصاعدة لزوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي متاحة بالفعل، بشرط ثبات التداول فوق 1.10 على المدى القصير، و1.08 على المدى الأبعد قليلاً، ومستويات 1.18 -1.20 تبدو متاحة خلال الفترة الزمنية متوسطة الأمد وطويلة الأمد.

الأوسمة:

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط