أيهما أكثر دعماً لأسعار الذهب، خطط التحفيز أم تعثّر الاقتصاد؟

أيهما أكثر دعماً لأسعار الذهب، خطط التحفيز أم تعثّر الاقتصاد؟

11 أكتوبر 2020 04:21 م

طالما عرف الذهب على أنه الملاذ الآمن، والذي يتوجّه له المتداولون في الأسواق المالية عندما تتزايد المخاوف الاقتصادية والسياسية. لكن، عندما نرجع في التاريخ، سنلاحظ بأن أسوأ فترات الذهب كانت عندما يدخل الاقتصاد الأمريكي في ركود. ومعامل الارتباط بين الدورة الاقتصادية وحركة أسعار الذهب لا تبدو بأنها عكسية، أي أن الذهب عبر التاريخ، لم يرتفع عندما وقع الاقتصاد الأمريكي في ركود، بل ارتفعت أسعار الذهب عندما كان الاقتصاد الأمريكي في أواخر الركود وبداية فترات النمو والانتعاش، فيما انخفض وبقوّة في عدّة مناسبات عندما حصلت ظروف اقتصادية متعثّرة.

في عام 2001، وتحديداً في شهر مارس، بدأ انخفاض في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي، واستمر حتّى أكتوبر عام 2002، وخلال عام 2001، دخل الاقتصاد الأمريكي في ركود امتدت فترته لثمان أشهر. وبدأ الركود الاقتصادي شهر مارس أيضاً مع انهيار  أسواق الأسهم والتي منها انهيار مؤشر نازداك التكنلوجي.

خلال الفترة منذ شهر مارس عام 2001، انخفض سعر الذهب بنسبة 3.45%، لينخفض من الأعلى 278 دولار للأدنى عند 257 دولار للأونصة الواحدة. لكن بعد ذلك، بدأ ارتفاع كبير في أسعار الذهب.

عام 2008، وتحديداً شهر سبتمبر عندما انهار بنك ليمان برذرز ليكشف لنا الأزمة المالية العالمية، انهار مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ليدل على حالة من الهلع والخوف في الأسواق. في نفس الشهر، أي سبتمبر عام 2008، ارتفع الذهب بشكل متواضع وبنسبة   4.84% مقارنة في انخفاض حصل شهر أكتوبر في ذلك الوقت، عندما انخفض الذهب بنسبة 16.89%.

شهر مايو عام 2011، كانت منطقة اليورو في أزمة الديون، وفي ذلك الشهر تم إعلان موافقة صندوق النقد الدولي على خطط إنقاذ لإيرلندا والبرتغال بعد أن تم تقديم قروض وتحفيزات لليونان كما احتاجت إسبانيا والبرتغال لخطط تحفيزية. انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي مع اشتعال أزمة الديون في أوروبا، وفي نفس الشهر مايو 2011، انخفض الذهب، كما انخفض سعر المعدن الثمين شهر يونيو 2011.

شهر فبراير ومارس 2020، تسرّب فيروس كوفيد 19 إلى العالم، وبدأت أوروبا تعاني انتشاراً واسعاً، وكان الاقتصاد الصيني في ركود، كما تم إعلان (في وقت لاحق) وقوع الاقتصاد الأمريكي في انكماش اقتصادي شهر مارس ووقع في انكماش قياسي خلال الربع الثاني بلغت نسبته 34.1%.

إذن، لا نستطيع ربط تحرّكات أسعار الذهب بحصول الكوارث الاقتصادية، رغم أن هنالك علاقة، لكن ليست حالات الركود هي من تدعم أسعار الذهب.

أواخر شهر مارس 2020، بدأت مؤشرات الأسهم الأمريكية والعديد من مؤشرات الأسهم حول العالم بارتفاع كبير، وبدأ أيضاً ارتفاع سعر الذهب، واستمر الارتفاع حتى تحقق أعلى سعر قياسي للذهب قرابة الـ2075 دولار شهر أغسطس، وهو الشهر الذي تم فيه إثبات أن الاقتصاديات العظمى في العالم توقّفت عن الانكماش.

لكن ماذا حصل خلال الفترة بين أواخر مارس و أغسطس عام 2020 ؟

  • خفّض الفيدرالي الأمريكي الفائدة بشكل حاد 1.75% إلى 1.25% أواخر شهر أغسطس، ثم خفّضها إلى 0.25% وأقر خطط تحفيز هائلة
  • خفّض بنك إنجلترا المركزي سعر الفائدة من 0.75% إلى 0.1% على مرحلتين اعتباراً من أواخر مارس
  • حافظ المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة الصفرية وأطلق برامج تيسير كمي هائلة
  • خفّض بنك الشعب الصيني الفائدة على عدّة مراحل شهر مارس ومايو لتصل إلى 3.85%
  • أطلق بنك اليابان المركزي برامج تيسير نقدي هائلة
  • ثبت البنك الوطني السويسري الفائدة عند -0.75% مع إطلاق برامج تيسير نقدي
  • خفّض بنك كندا المركزي الفائدة من 1.75% إلى 0.25% على ثلاث مراحل
  • خفّض كل من الاحتياطي الأسترالي والاحتياطي النيوزلندي الفائدة

إلى جانب ذلك، قامت البنوك المركزية كلها بإقرار خطط تحفيز غير اعتيادية تسببت في تدفقات نقدية بالتريليونات إلى الاقتصاد العالمي. ليس هذا فقط، بل أن حكومات العالم أقرّت خطط مالية ضخمة.

شهر أغسطس الماضي 2020، تعثّرت خطّة تحفيزية جديدة للحكومة الأمريكية، حيث طالب الحزب الديمقراطي خطّة تحفيزية تبلغ تكلفتها 3.4 ترليون دولار، فيما أرادت الإدارة الأمريكية خطّة تحفيز تكلفتها 1.6 ترليون. وبدأ سعر الذهب بالتراجع من مستوياته القياسية على مدى شهرين متتالين ليفقد مستويات الـ2075 دولار ويحقق الأدنى عند 1848 دولار شهر سبتمبر الماضي.

لكن، عندما عاد الحديث مجدداً عن خطّة التحفيز هذا الشهر أكتوبر، شهدنا أسعار الذهب وقد ارتفعت خلال أوّل أسبوع من هذا الشهر، لتغلق أسعار الذهب الأسبوع الماضي في مكاسب. وارتفع سعر الذهب بنسبة بلغت 2.34% منذ بداية الشهر أكتوبر، وارتفاع حصل الأسبوع الماضي بلغت نسبته 1.62%.

وهنا نلاحظ بأن أسعار الذهب تتأثّر بشكل كبير في خطط التحفيز الاقتصادي من البنوك المركزية والحكومات في العالم، فهذا الأمر هو المحفّز لأسعار الذهب أكثر من تحفيز الشراء بسبب المخاوف الاقتصادية.

وبالنسبة للمستقبل القريب، فقد يكون سعر الذهب مرتبطاً بإقرار خطّة جديدة للحكومة الامريكية، فقد تقاربت الآراء من ناحية حجم الخطّة أكثر مما كانت عليه شهر أغسطس، حيث اقترحت الإدارة الأمريكية خطّة تحفيز تبلغ قيمتها 1.8 ترليون دولار، فيما الحزب الديمقراطي طلب خطّة بحجم 2.2 ترليون دولار. ورغم بعض التعثّر خلال يومي السبت والأحد خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلا أن أسعار الذهب قد تشهد تداولات مرتبطة في تقدّم خطّة التحفيز الاقتصادي المنتظرة من الولايات المتحدّة الأمريكية.

في حال تم إتمام خطّة تحفيزية جديدة، فقد نشهد أسعار الذهب ترتفع من جديد بشكل كبير، إلا أن فشل التوصّل لخطّة تحفيزية جديدة حكومية للاقتصاد الأمريكي، فقد يكون ذلك ضاغطاً على أسعار الذهب خلال الفترة القصيرة المقبلة.

الأوسمة:

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط