بعد ستّة أسابيع من الارتفاع بأسعار الذهب. ماذا ينتظر الأسعار هذا الأسبوع والأشهر المقبلة؟

بعد ستّة أسابيع من الارتفاع بأسعار الذهب. ماذا ينتظر الأسعار هذا الأسبوع والأشهر المقبلة؟

19 يوليو 2020 04:27 م

ارتفعت أسعار الذهب خلال الأسابيع الستّة الماضية، ارتفعت الأسعار من مستوى 1670 دولار المتحقق في الخامس من شهر يونيو الماضي. ومنذ ذلك الحين، ارتفع سعر الذهب ليغلق في كل أسبوع من الأسابيع الستّة الماضية عند مستوى أعلى من الأسبوع الذي سبقه. واستفادت أسعار الذهب من طلبات الملاذ الآمن، إلى جانب التوجّه للذهب في المضاربة شراءً. كذلك، شهد الذهب طلباً لتغطية مخاطر انخفاض القدرة الشرائية للنقد في ظل ضخ السيولة الهائل من البنوك المركزية والحكومات حول العالم. لكن، إلى أين تتوجّه الأسعار خلال هذا الأسبوع؟ وهل من المحتمل أن تستمر سلسلة الارتفاعات أم اكتفت الأسعار بالصعود؟

تستقر أسعار الذهب فوق حاجز الـ1800 دولار للأونصة الواحدة، وتبعد حالياً أقل من 120 دولار عن مستوياتها القياسية على الإطلاق التي تحققت فوق الـ1900 دولار للأونصة عام 2011. والمحفّزات لاستمرار ارتفاع أسعار الذهب متعددّة، فمن المحتمل للبنوك المركزية أن تستمر بسياساتها الداعمة للاقتصاد لفترة مطوّلة، في ظل الضبابية الكبيرة التي تسود توقعات الاقتصاد العالمي. من جهة أخرى، يتوجّه المتداولون للذهب لتغطية استثماراتهم في أسواق العائد المرتفع بالذهب لخفض مخاطر تلك الاستثمارات.

وقال مجلس الذهب العالمي في تقريره الذي صدر في الثامن من هذا الشهر، بأن النصف الأوّل من عام 2020 شهد تدفقات نقدية للصناديق المتداولة بالذهب. وقال مجلس الذهب العالمي بأننا شهدنا للشهر السابع على التوالي تدفقات نقدية داخلة لصناديق الاستثمار بالذهب، ليتم إضافة 104 طن خلال شهر يونيو الماضي، ما يعادل قيمتها 5.6 مليار دولار أمريكي، أو ما يقابل 2.7% من الأصول التي يتم إدارتها.

لكن في الـ14 من هذ الشهر يوليو، ورد في صحيفة إنديا تايمز بأن التدفقات النقدية الداخلية إلى الصناديق المتداولة بالذهب انخفضت 50% بسبب ارتفاع الأسعار، وهذا الانخفاض تم تسجيله الشهر الماضي يونيو. لكن، هل يعني ذلك توقّف الطلب على الذهب؟ في الحقيقة لا يدل ذلك على التوقّف عن طلب الذهب، فما زالت التدفقات النقدية تعتبر تدفقات "داخلة" إلى الاستثمار في الذهب، والانخفاض الذي حصل في طلب الذهب يعتبر مجرّد استجابة للارتفاع بالأسعار.

وافتتحت تداولات أسعار الذهب هذه السنة عند مستويات حول الـ1520 دولار للأونصة الواحدة تقريباً، وبذلك حتى إغلاق الأسبوع الماضي، حققت أسعار الذهب ارتفاعاً مقداره 19% تقريباً.

الظروف التي نعيش فيها في الاقتصاد العالمي حالياً تعتبر ظروفاً استثنائية، لم نشهد لها مثيل عبر التاريخ. فجائحة كورونا تسببت في إدخال الاقتصاد العالمي في ركوده الأسوأ منذ ثلاثينات القرن الماضي، ومهما عدنا بالزمن لنرى الأزمات الاقتصادية السابقة، سنجد بأن الأزمة التي مرّت في الاقتصاد العالمي خلال النصف الأول من هذه السنة لم يحصل لها مثيل. ورغم أن التوقعات تشير إلى احتمال أن يبدأ الاقتصاد العالمي بإظهار حالة من التحسّن خلال النصف الثاني من هذه السنة، إلا أنه من غير المرجّح أن نرى تعاف تام في الاقتصاد.

وحتى لو حصل تعافي اقتصادي، فهذا لا يعني بأن أسعار الذهب ستعود للارتفاع. عام 2010 و2011 كان الاقتصاد العالمي قد خرج من الأزمة المالية العالمية 2008-2009، إلا أن أسعار الذهب القياسية تحققت خلال فترة التعافي الاقتصادي. إذن، التعافي الاقتصادي قد يكون سبباً لأن نرى ارتفاعاً بأسعار الذهب. لكن، كيف يكون التحسّن والتعافي الاقتصادي داعماً لأسعار الذهب؟

عندما يبدأ الاقتصاد العالمي في التحسّن، الشركات ستعود للتوظيف، وتتحسّن القدرة الشرائية للنقد. يرافق ذلك بقاء أسعار الفائدة المتدنية جداً في البنوك المركزية، مما سيزيد من دوران النقد في الاقتصاد، وهنا ندخل في تهديد جديد، هو تهديد ارتفاع الأسعار، أي بعبارة أخرى، ارتفاع التضخم.

يتواجد التضخم في الدول العظمى في العالم عند مستويات متدنية جداً بحسب مؤشر سعر المستهلك. في الولايات المتحدّة يبلغ مؤشر سعر المستهلك 0.60%، وفي الصين 2.50%، وكذلك في منطقة اليورو يبلغ 0.30% واليابان تشهد مستويات تضخم 0.10% وبريطانيا 0.60%. أما في كندا، فقد هبطت الأسعار بتضخم سلبي عند -0.40% وفي سويسرا انخفضت الأسعار بانخفاض التضخم للسالب عند -1.30%. مستويات التضخم المنخفضة جداً قد لا تبقى على ما هي عليه عندما تعود الظروف الاقتصادية للاستقرار، بسبب سياسات البنوك المركزية التوسعية وتوجّه الحكومات لضخ سيولة هائلة للاقتصاد. بالتالي، قد يستمر الذهب في إيجاد الطلب لتغطية مخاطر انخفاض القدرة الشرائية للنقد، ومستويات فوق الـ2000 دولار مرجّحة في ظل كل هذه المتغيرات.

لكن بالنسبة لهذا الأسبوع، لا يجب أن نستبعد تذبذب سببه المضاربة، حيث أننا أشرنا سابقاً في هذا التقرير بأن المتداولون يقومون بتغطية استثماراتهم في أسواق العائد، وهذا الأمر قد يجعل أسعار الذهب تتذبذب مع أسواق الأسهم. انخفاض أسواق الأسهم قد يحفّز موجة هابطة طفيفة في أسعار الذهب، حيث أن انخفاض أسواق الأسهم قد يجعل المحافظ الاستثمارية تقوم بتقليص حيازة الذهب إلى جانب الأصول مرتفعة العائد. على العكس من ذلك، قد يتسبب ارتفاع أسواق الأسهم بمزيد من الطلب على الذهب، إذ عندها سيقوم مدراء المحافظ الاستثمارية بطلب الذهب لتغطية مخاطر تلك الأسواق.

وننتظر هذا الأسبوع نتائج أعمال شركات كثيرة من الولايات المتحدّة، منها نتائج أعمال مايكروسوفت وكذلك تسلا وأيضاً آي بي أم وكوكا كولا إلى جانب العديد من الشركات المصرفية والبنوك، وهذا ما قد يبقي على حال التذبذب في الأسواق.

وهذا الأسبوع، ستعلن جامعة أكسفورد عن نتائج اختبار المرحلة الأولى للقاح فيروس كورونا يوم الإثنين، وهذا ما قد يسبب تذبذب في أسواق الأسهم. فالإعلان عن لقاح فعّال ونجاح في المرحلة الأولى من الاختبارات قد يدفع أسواق الأسهم للارتفاع، لكن في هذه الحالة قد نشهد بداية تذبذب في أسعار الذهب بفعل ارتفاع كبير في الثقة، يتبعه بعد ذلك عودة الصعود لأسعار الذهب.

لكن، في حال أعلنت جامعة أكسفورد عن نتائج اختبارات للقاح الفيروس تفيد بفشلها أو الحاجة لمزيد من الوقت لإثبات الفعالية، فقد يكون تأثير ذلك إيجابي لحظياً على أسعار الذهب، لكن ستعود الأسعار للاستقرار في نفس النطاقات في انتظار المستجدات.

الأوسمة:

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط